:s
كان النوم، بالنسبة لي، مسارا صعبا على الدوام. ربما سبب ذلك الندم على مرور يوم من دون الإقتناع بأنه يوم يستحق النوم. عموما كانت الحياة الليلية بالنسبة لي حلا وسطا. أصبحت هواية منذ عشر سنوات. لكنها تحولت الى نوع من التقليد منذ مجيئي للولايات المتحدة. في البداية لم يكن من الممكن النوم قبل الساعة الثانية صباحا. ثم ببساطة لم يعد ممكنا النوم قبل بداية يوم جديد. و لأني لا أستطيع تصريف يومي بشكل عادي بدون النوم لثماني ساعات في أقل الأحوال كان ذلك يعني في البداية إلغاء أية إرتباطات تسبق الساعة الثانية عشر ظهرا. لكن منذ سنوات قليلة أصبح يومي يبتدئ تحديدا متى كان من المتفرض أن ينتهي.
إخترت أن أسمي مدونتي التي أحررها بلغتي الأم "أفكار ليلية" لأنه الوقت الذي أكتب فيه. عدى ذلك فأنا لا أستطيع سوى المشاهدة. أحيانا أتعلل بمقولة جامعي معروف كان لا يخفي فخره بكسله: "لا يحتاج المرء"، كان يردد، " أن يكتب أو يعمل لساعات طويلة... يكفي التركيز لساعتين في اليوم". من الواضح أن تلك كذبة منمقة لا غير.
عندما جئت الى هنا كان كل شيئ متلائما مع "الحياة الليلية" على العكس تحديدا من كل محبطات "الحياة الليلية" في تونس حيث ينام كل شئء باكرا بما ذلك الليل ذاته. إكتشفت هنا و بشكل مبكر أمرا رائعا: "مجتمع الحياة الليلية" أوسع بكثير مما كنت أتصور و أنني لست بأي حال أنتمي لـ"طائفة شاذة". شعرت تحديدا بكونية "الحياة الليلية" و تقاليدها العريقة و الاحترام الذي يسبغها عليها "العارفون بالأمور"... و اكتشفت، باختصار، أنها صيغة عادية في الحياة اليومية.
في السابق كنت أطمئن نفسي بشيئ مشابه للحكايات الأسطورية: ألم يكن تعريف التأسيس الفلسفي مشابها لمسار الوحي الليلي؟ أليس الوحي تحديدا.. ليلي... أو في أقل الأحوال يحتاج للظلمة؟ ألم يكن ماو تسي تونغ و فوكو كائنات ليلية؟ كان ذلك تشريعا أسطوريا لحالة تبدو لي غير عادية. في رادس، حيث قضيت الجزء الأكبر من حياتي، ينام كل شيئ باكرا. لكن شيئا فشيئا (منذ أواسط التسعينات) بدأت تظهر حالة جديدة: المقاهي الليلية التي لا تنام. كان ذلك إبداعا لامس الشبقية. إنضممت لمجتمع صغير من مريدي مقاهي ما بعد منتصف الليل يدخنون الشيشة بصمت على خلفية أشرطة كاسيت تردد بالكاد هذه الأغنية أو تلك لأم كلثوم. كم أحن الى تلك الفترة البوهيمية! تغيرت الأمور الآن حسبما فهمت و أصبحت المقاهي الليلية أمرا معتادا في "عموم تراب الجمهورية".
و لكن بمجيئي هنا بداية القرن الجديد اكتشفت سطوة الكائن الليلي. و حضوره العادي.
a mainstream entity
مثلا اكتشفت "المؤسسة الثقافية" التلفزية
The Late Night Show
و التي تبدأ في شكل متزامن على القنوات الأساسية منذ الساعة الحادية عشر ليلا (أو الحادية عشر و
النصف في أغلب الأحيان). مجرد التفكير في إقامة برامج أساسية وسط الأسبوع (أي خلال "أيام العمل") لبرامج تلفزية شعبية هو في ذاته أكبر تحقق لذات الكائن
إخترت أن أسمي مدونتي التي أحررها بلغتي الأم "أفكار ليلية" لأنه الوقت الذي أكتب فيه. عدى ذلك فأنا لا أستطيع سوى المشاهدة. أحيانا أتعلل بمقولة جامعي معروف كان لا يخفي فخره بكسله: "لا يحتاج المرء"، كان يردد، " أن يكتب أو يعمل لساعات طويلة... يكفي التركيز لساعتين في اليوم". من الواضح أن تلك كذبة منمقة لا غير.
عندما جئت الى هنا كان كل شيئ متلائما مع "الحياة الليلية" على العكس تحديدا من كل محبطات "الحياة الليلية" في تونس حيث ينام كل شئء باكرا بما ذلك الليل ذاته. إكتشفت هنا و بشكل مبكر أمرا رائعا: "مجتمع الحياة الليلية" أوسع بكثير مما كنت أتصور و أنني لست بأي حال أنتمي لـ"طائفة شاذة". شعرت تحديدا بكونية "الحياة الليلية" و تقاليدها العريقة و الاحترام الذي يسبغها عليها "العارفون بالأمور"... و اكتشفت، باختصار، أنها صيغة عادية في الحياة اليومية.
في السابق كنت أطمئن نفسي بشيئ مشابه للحكايات الأسطورية: ألم يكن تعريف التأسيس الفلسفي مشابها لمسار الوحي الليلي؟ أليس الوحي تحديدا.. ليلي... أو في أقل الأحوال يحتاج للظلمة؟ ألم يكن ماو تسي تونغ و فوكو كائنات ليلية؟ كان ذلك تشريعا أسطوريا لحالة تبدو لي غير عادية. في رادس، حيث قضيت الجزء الأكبر من حياتي، ينام كل شيئ باكرا. لكن شيئا فشيئا (منذ أواسط التسعينات) بدأت تظهر حالة جديدة: المقاهي الليلية التي لا تنام. كان ذلك إبداعا لامس الشبقية. إنضممت لمجتمع صغير من مريدي مقاهي ما بعد منتصف الليل يدخنون الشيشة بصمت على خلفية أشرطة كاسيت تردد بالكاد هذه الأغنية أو تلك لأم كلثوم. كم أحن الى تلك الفترة البوهيمية! تغيرت الأمور الآن حسبما فهمت و أصبحت المقاهي الليلية أمرا معتادا في "عموم تراب الجمهورية".
و لكن بمجيئي هنا بداية القرن الجديد اكتشفت سطوة الكائن الليلي. و حضوره العادي.
a mainstream entity
مثلا اكتشفت "المؤسسة الثقافية" التلفزية
The Late Night Show
و التي تبدأ في شكل متزامن على القنوات الأساسية منذ الساعة الحادية عشر ليلا (أو الحادية عشر و
النصف في أغلب الأحيان). مجرد التفكير في إقامة برامج أساسية وسط الأسبوع (أي خلال "أيام العمل") لبرامج تلفزية شعبية هو في ذاته أكبر تحقق لذات الكائن