دعونا نتكلم اليوم عن الرجل الفاترينة
هل تعرفون هذا الرجل؟
إنه بيننا.. في كل مكان
بل وهناك أيضا الفتاة الفاترينة والشاب الفاترينة
والبلد الفاترينة
في هذا الموضوع دعونا نفكر معا
*******
نحن في القرن الحادي والعشرين.. كل سنة وأنتم طيبين.. انتشرت وسائل الإعلام وبدأ عصر المعلومات.. أصبح متاحا لك اليوم كم من المعلومات لم يكن متاحا للبشرية كلها في القرن الماضي.. أصبحت المعلومات رهن إشارة من إصبعك الآن
توقع العلماء أن اختراعاتهم في مجال الاتصالات.. التليفزيون والإنترنت والموبايلات.. سوف ترتقي بالإنسان العادي, إلا أنها لم تفعل.. بل نشرت ما يمكن أن نسميه الثقافة البصرية
الفن المرئي فن رائع.. إلا أنه.. كما يرى المحللون.. أحيانا لا يستطيع التعمق في جوهر الأشياء بكفاءة
أي قصة شهيرة تحولت فيلما, غالبا ما تكون القصة أجمل وأعمق من الفيلم.. لأن القصة ستعطيك أشياء لن تستطيع الصورة أن تعطيك إياها.. قصص نجيب محفوظ مثلا
إنه إيقاع العصر, ذلك الذي علمنا أن نهتم فقط بالقشور.. ربما لأنه لم يعد لدينا الوقت كي نفكر في الجوهر
*******
فاترينة الثقافة
لو تأملنا معا البرنامج الشهير من سيربح المليون؟
ستجد أنه مثال حي لهذا الموضوع
هل هذا هو جوهر الثقافة؟
هل المثقف هو من يعرف عرض مضيق باب المندب؟
هل المثقف هو من يعرف ارتفاع قمة إيفرست؟
هل هناك قضايا تحتاج إلى نوع من أنواع التفكير أو التحليل أو الرأي؟
*******
فاترينة التعليم
علمنا نظام التعليم في مصر أن الحفظ هو سر النجاح
التفوق العلمي في مصر لا يعني أن صاحبه عبقري بل إنه دحّيح
قل لي مثلا.. أين التفكير النقدي أو التحليلي أو المنطقي في كل ما تعلمناه في المدرسة؟
لم نتعلم التعمق في الأمور للأسف لكننا تعلمنا أن نأخذ الأمور بسطحية.. لقد تعلمنا الحفظ لا التفكير
*******
فاترينة النجوم
تأمل نجوم الشباب اليوم
من هم؟
نحن نجعل من المرء نجما, لأسباب خاطئة للأسف
تأمل معي مثلا هذا المثال الصارخ
تأمل معي هذا المطربة.. ما الذي جعلها مشهورة إلى هذا الحد؟
هل تمتلك قدرات صوتية رائعة؟
هل لها فكر معين في الألحان أو الكلمات؟
ما الذي جعلها نجمة النجوم اليوم؟
بالضبط.. إنها ثقافة الفاترينة
هيفاء وهبي فاترينة جميلة.. دعك من صوتها أو أفكارها فلا أحد يهتم بهذه التفاصيل
أعتقد أن هذا خطر على الأجيال القادمة.. أن تعرض نموذج هيفاء وهبي.. نجمة النجوم.. أمام طفلة صغيرة.. ما الذي سيدور في ذهنها وهي ترى الجميع يمجدون هيفاء وهبي, لا من أجل موهبة أو علم أو فكر أو توجّه فني.. لكن لجمالها فقط ؟
أنتج هذا نمطا من الفتيات.. تراه حولك بالتأكيد.. تجدهن في غاية الجمال من الخارج, إلا أنها حين تفتح فمها وتتكلم, ستدرك أنها من الداخل أجهل من شامبانزي
الحذر كل الحذر.. من الأمثلة العليا التي يراها الجيل القادم أمامه في وسائل الإعلام
*******
الرجل الفاترينة
أصبح الإنسان منا مجرد فاترينة
في مصر ستجد أن الجميع يحملون الموبايلات.. سواء كنت تستعملها أم لا.. سواء كنت طفلا صغيرا في الابتدائية أو شابا لا يخرج من البيت.. الكل لابد أن يحمل الموبايل لأنه جزء من البرستيج
المشكلة هنا تكمن في أن البعض يغالي -فعلا- في شراء أنواع مبالغ فيها من الموبايلات.. قد يكون الشاب في ضائقة مالية حقيقية, لكنه يفكر جديا في تغيير موبايله
فالمهم هو نوع وماركة الموبايل ومدى حداثته, وليس الاستفادة العملية التي ستعود عليه منه
أنا أشتري الموبايل لأنني أريده, لا كي يحسدني الناس عليه
لماذا أحول نفسي إلى فاترينة لمجرد أن أغيظ الناس؟
ما أعيش حياتي وأشوف حالي يا عم هو أنا فاضي؟
من راقب الناس مات همّاً.. كما يقول المثل
أصبح الناس لا يهتمون بجوهر الأشياء لكن بمظهرها
لو رأيتُ شابا يحمل موبايل غالي الثمن, أو يركب سيارة غالية الثمن.. سأحترم نجاحه, لكنني سأشفق عليه لو كان والده هو من اشتراهما له
*******
فاترينة البلد
لماذا يجب أن نحافظ على نظافة مدينتنا؟
لماذا يجب أن نزرع الأشجار؟
أحسنت.. عشان المظهر الحضاري.. عشان الأجانب لما ييجوا
أصبح مظهر بلدنا أمام الأجانب أهم من مظهرها أمامنا نحن
لن أتكلم عن هذه الفكرة في المجال السياسي.. لكن ألا تلاحظ أن هناك شيئا اسمه: الإساءة لسمعة مصر في الخارج.. و: بلاش ننشر غسيلنا اللي مش نضيف أمام العالم؟
بلدنا نفسها مجرد فاترينة
*******
عزيزي القارئ
في حياتك العادية.. هل أنت مجرد فاترينة؟
أم أن المحل بالداخل فيه كنوز تستحق التقدير؟
هل تعيش ثقافة الفاترينة؟
أم أنك تفكر وتعيش حياة أكثر عمقا وعملية ونجاحا؟
فكر في الموضوع
ما الذي سيجعل حياتك أفضل؟
وتذكر..
أنت تعيش في الدنيا حياة واحدة فقط, فاجعلها أروع حياة ممكنة
*******
تحياتي لكم
K!nder Chocolaet